خصوبة المرأة​

الخصوبة في العصر الحديث

في العصر الحديث، نشهد تطورًا متسارعًا في التقنيات التي تتيح للأزواج الذين يواجهون مشاكل في الخصوبة، لأسباب متعددة، تحقيق حلم الإنجاب رغم التحديات.

ما بين 10% إلى 15% من الأفراد في سن الخصوبة يعانون من اضطرابات في القدرة على الإنجاب.

ما بين 10% إلى 15% من الأفراد في سن الخصوبة يعانون من اضطرابات في القدرة على الإنجاب.

متى نُعرّف العقم؟

يُعرّف العقم بعدم القدرة على الحمل رغم ممارسة العلاقة الزوجية بانتظام لمدة عام. أما لدى النساء فوق سن 35، فلا يُنصح بالانتظار عامًا كاملاً، بل يُنصح بالبدء في الفحوصات بعد ستة أشهر من المحاولات المنتظمة. كما يُوصى بالبدء المبكر بالفحوصات في حال وجود دورات شهرية متباعدة (كل 45 يومًا أو أكثر)، أو في حال خضع أحد الزوجين لعلاجات كيميائية أو كان مصابًا بأمراض مرتبطة بالجهاز التناسلي.

ما هي أسباب العقم؟​

تنقسم أسباب العقم إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

  1. عقم بسبب مشكلة في الخصوبة لدى الرجل – يشكل تقريبًا 45% من الحالات.
  2. عقم بسبب مشكلة لدى المرأة – أيضًا تقريبًا 45% من الحالات، وتنقسم إلى مشاكل هرمونية أو بنيوية (ميكانيكية).
  3. عقم غير مفسّر – عندما لا يتم التوصل إلى سبب واضح رغم إجراء جميع الفحوصات.

وفي نحو 10% من الحالات، يكون العقم ناتجًا عن أكثر من عامل واحد لدى الزوجين.

مشاكل العقم لدى المرأة

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى العقم عند النساء، ولكل منها حلول متوفرة.

  1. العقم الهرموني أو غياب الإباضة

أحد الأسباب الشائعة هو العقم الناتج عن خلل هورموني يؤدي إلى غياب الإباضة. الإباضة هي مرحلة أساسية في عملية الحمل، حيث يجب أن ينضج الجُرَيْب في المبيض وتُطلق بويضة ناضجة صالحة للإخصاب.
خلل في توازن الهورمونات – مثل اضطرابات في عمل الغدة النخامية أو الغدة الدراقية، ارتفاع مستوى هرمون الحليب (البرولاكتين)، أو اضطرابات في المبيض – قد يؤدي إلى غياب الإباضة أو إباضة غير مكتملة.

تتوفر اليوم وسائل دقيقة لتحديد توقيت الإباضة، من خلال اختبارات هورمونية وصور موجات فوق صوتية (أولتراساوند) لمتابعة نمو الجُرَيْبات ونضجها.
كما توجد علاجات دوائية متعددة لتحفيز الإباضة، وتتطلب هذه العلاجات مراقبة دقيقة لمستوى الاستجابة لدى المرأة، خاصة قياس هورمون الإستراديول في الدم، إضافة إلى المراقبة بالأولتراساوند لعدد الجُرَيْبات وأحجامها. الهدف من هذه المتابعة هو تحقيق أفضل النتائج مع أقل قدر من الآثار الجانبية.

  1. العقم الميكانيكي (الانسدادي)

السبب الثاني هو العقم الناتج عن مشاكل بنيويّة – ميكانيكية، مثل العيوب الخلقية في الرحم أو انسداد قنوات فالوب.
تُعدّ الالتهابات في قنوات فالوب والمنطقة المحيطة بها من الأسباب الشائعة لانسدادها، وقد تؤدي إلى أضرار مزمنة في وظيفتها. الضرر الشديد يظهر كانسداد تام، بينما الضرر الأقل قد يؤدي إلى التصاقات بين الأنابيب والمبيض أو الأمعاء أو الرحم.

عندما تكون قناتا فالوب مسدودتين بالكامل، يُعرّف ذلك على أنه عقم ميكانيكي تام.

تشمل الإجراءات التشخيصية لتشخيص العقم الميكانيكي (الانسدادي):

  • أولتراساوند ثلاثي الأبعاد: لفحص شكل الرحم والتأكد من انتظام تجويفه وعدم وجود تشوهات قد تعيق حدوث حمل سليم.
  • أشعة الرحم وقنوات فالوب (HSG): سلسلة من صور الأشعة السينية للكشف عن وجود التصاقات داخل الرحم أو انسداد في قنوات فالوب.
  • فحص الأنابيب باستخدام رغوة (ExFoam): هو إجراء غير جراحي يُستخدم لتقييم سلامة قنوات فالوب. أثناء الفحص، يتم إدخال مادة تباين رغوية معقّمة (ExEm foam) إلى تجويف الرحم عبر قسطرة، ثم يتم متابعة تدفقها عبر قناتي فالوب باستخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية – أولتراساوند.
  • المنظار البطني (Laparoscopy): يتم عبر إجراء شق صغير في البطن تحت التخدير العام لإدخال جهاز بصري يسمح بفحص الأعضاء التناسلية الداخلية، ويمكن من خلاله أيضًا إجراء عمليات لعلاج العقم.
  • المنظار الرحمي (Hysteroscopy): يسمح بفحص تجويف الرحم باستخدام جهاز بصري دقيق للكشف عن الزوائد اللحمية (polyps)، الألياف، الالتصاقات أو العيوب الخلقية في الرحم.
  1. فشل المبيض أو انخفاض احتياطيّ البويضات

يشير هذا إلى حالة تفشل فيها المبايض في إنتاج بويضات صالحة، حتى في إطار الإخصاب خارج الجسم.
قد يحدث ذلك في حالات مختلفة، منها:

  • انقطاع الطمث المبكر
  • التعرض للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو الجراحي
  • وجود خلل وراثي
  • فشل مبيضي دون سبب واضح

في مثل هذه الحالات، يكون الحل غالبًا هو استخدام بويضات متبرعة.

وتشمل الحالات التي تستدعي التبرع بالبويضات أيضًا:

  • نساء يحملن أمراضًا وراثية ويرغبن في عدم نقلها إلى أطفالهن.
  • نساء لم يستجبن للعلاج الهرموني.
  • نساء خضعن لمحاولات متكررة من الإخصاب ولم يتم الحصول على بويضات سليمة.
  • نساء فوق سن 40، حيث تقل فرص الحمل مع التقدم في العمر.
    1. العقم غير المفسّر

    يُطلق هذا المصطلح على الحالات التي لا يتم فيها العثور على سبب واضح للعقم رغم إجراء كافة الفحوصات الضرورية؛ لا يعني ذلك عدم وجود سبب، بل أن الوسائل المتوفرة حاليًا لم تتمكن من تشخيصه.

    في هذه الحالات، غالبًا ما يبدأ الأطباء في إجراء علاجات الإخصاب خارج الجسم (IVF)، والتي قد تساعد أيضًا في كشف المشكلة الخفية، مثل ضعف اختراق الحيوان المنوي للبويضة أو ضعف جودة البويضات. بعض هذه الحالات يمكن علاجها باستخدام أدوية لتحسين جودة الحيوانات المنوية أو البويضات.

    وقد أثبتت علاجات الإخصاب خارج الجسم فعاليتها في حالات العقم غير المفسّر، بما لا يقل عن نجاحها في حالات العقم الناتج عن انسداد قنوات فالوب.

خلاصة:

العقم قد ينجم عن أسباب عديدة لدى كل من الرجل والمرأة، وأحيانًا نتيجة تفاعل عدد من الأسباب معًا، مما يستدعي علاجًا متعدد المسارات.
في كثير من الحالات، يمكن تجاوز العقم بنجاح بفضل التقنيات الطبية الحديثة.

ومع ذلك، فإن تأجيل سن الإنجاب لا يزال عامل خطر، ولا تُلغيه التكنولوجيا. فالنجاح في تحقيق الحمل لا يعتمد فقط على جودة العلاج، بل أيضًا على العمر البيولوجي للمرأة.
ومع كل التقدم، لا تزال النصيحة الأهم هي عدم تأجيل قرار الإنجاب قدر الإمكان.