الإخصاب الخارجي
الإخصاب الخارجي (IVF- In Vitro Fertilization)، المعروف أيضًا باسم التلقيح الصناعي أو التخصيب في أنبوب الاختبار، هو إجراء طبي يتم فيه إخصاب البويضة خارج جسم المرأة.
في الحالة الطبيعية، من المفترض أن تلتقي البويضة بالحيوان المنوي في قنوات فالوب، التي تربط بين المبيض والرحم. في الإخصاب الخارجي، يتم جمع البويضة من المرأة والحيوان المنوي من الرجل، ويتم الإخصاب في ظروف مخبرية لإنشاء جنين. يتم تطوير الجنين في المختبر داخل حاضنة خاصة تحاكي البيئة الطبيعية داخل جسم المرأة، مما يسمح للبويضة المخصبة بالنمو والانقسام إلى عدة خلايا. بعد ذلك، يتم نقل الجنين إلى رحم المرأة على أمل أن ينغرس ويؤدي إلى حمل ناجح.
مراحل علاج الإخصاب الخارجي
في السنوات الأربعين الماضية، لوحظ زيادة في عدد علاجات الإخصاب الخارجي في البلاد وحول العالم. في السنوات الأخيرة، بلغ عدد الدورات العلاجية في البلاد حوالي 40,000 دورة سنويًا. الهدف من هذه العلاجات هو مساعدة الأزواج الذين لا يستطيعون الحمل بشكل طبيعي للوصول إلى مرحلة نقل الأجنة إلى الرحم. في الواقع، معظم دورات العلاج تشمل نقل الأجنة.
ربع العلاجات نجحت بتحقيق حمل، و20% تقريبًا انتهت بولادة حية. وفقًا لبيانات وزارة الصحة في السنوات الأخيرة، حوالي 4% من إجمالي الولادات الحية كانت نتيجة لعلاجات الإخصاب الخارجي.
المرحلة الأولى: التشخيص
يشمل التشخيص فحوصات شاملة للمرأة والرجل بهدف معرفة سبب العقم.
بعد استجواب شامل من قبل الطبيب، يتم إجراء فحوصات دم شاملة للتأكد من صحة المرأة، وفحص سلامة الحوض، وفحص تجويف الرحم، والمبايض، وقنوات فالوب. أيضًا، يخضع الرجل لفحص سلامة الحيوانات المنوية، وإذا تم العثور على أي خلل في فحص الحيوانات المنوية، يتم إحالته إلى فحوصات إضافية تشمل فحوصات دم، تصوير بالموجات فوق الصوتية، وفحوصات المسالك البولية، حسب الحاجة.
بناءً على جميع الفحوصات، يتم تحديد التشخيص وبدء العلاج المناسب.
المرحلة الثانية: العلاج الدوائي
قبل 40 عامًا، كانت عملية سحب البويضات تتم دون تحضير وتحفيز للمبايض، ويتم سحب بويضة واحدة فقط. في كل شهر، تبدأ عملية نضوج عدد كبير من البويضات، ولكن قبل الإباضة، تنضج بويضة واحدة فقط وتحدث الإباضة. مقارنةً بالسحب الأول، نسعى اليوم إلى تحفيز استجابة عدد أكبر من الجُرَيْبات في المبيض وتشجيع نموها، بهدف سحب أكثر من بويضة واحدة.
يبدأ العلاج بتحضير المرأة لسحب البويضات. الهدف من العلاج والأدوية المستخدمة هو تحفيز المبايض من جهة، ولكن أيضًا منع الإباضة الذاتية غير المخطط لها. الهدف هو الحصول على 10-15 بويضة خلال كل دورة علاجية، وبالطبع، يختلف العدد حسب استجابة المبيض لكل امرأة وعمرها.
هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأدوية:
- أدوية لتحفيز المبايض: تعمل هذه الأدوية مباشرة على المبايض لتحفيز نمو جُرَيْبات متعددة في نفس الشهر.
- منع الإباضة الذاتية: هذه الأدوية تحبط نشاط الهورمونات الداخلية في الجسم، وتأثيرها قصير، وعند التوقف عن استخدامها، تعود إفرازات الهورمونات الداخلية إلى طبيعتها.
- أدوية لتحفيز الإباضة: تهدف هذه الأدوية إلى ضمان نضوج كامل للبويضات وتمكين سحبها من المبيض أثناء عملية السحب.
المرحلة الثالثة: سحب البويضات
يجب إجراء سحب البويضات خلال 36 ساعة من إعطاء إبرة التحفيز (Ovitrelle، وفي بعض الحالات، Decapeptyl) حيث أنه بعد هذا الوقت، تحدث الإباضة الذاتية حتى مع وجود الأدوية المحبطة. يتم سحب البويضات في المستشفى تحت التخدير العام، ولكن يمكن أيضًا إجراء سحب البويضات دون تخدير.
يتم السحب تحت إشراف جهاز الموجات فوق الصوتية المهبلي. يتم تحديد الجريبات في المبايض ويتم سحب السائل منها عبر المهبل باستخدام إبرة مرتبطة بجهاز الموجات فوق الصوتية. يتم جمع السائل المسحوب في أنابيب اختبار تُنقل إلى المختبر. في المختبر، يتم نقله إلى أطباق، وتحت المجهر، يتم عزل البويضات ونقلها إلى الحاضنة.
المرحلة الرابعة: مرحلة الإخصاب
البويضات المخصبة، التي هي الآن في مراحل النمو وتتحول تدريجيًا إلى أجنة، يتم إعادتها إلى تجويف الرحم. يتم الإرجاع عادةً في اليوم الثالث أو الخامس بعد السحب، باستخدام قسطرة بلاستيكية مرنة يتم إدخالها عبر عنق الرحم.
المرحلة الخامسة: إعادة الأجنة
إجراء بسيط وغير مؤلم، ويُجرى تحت إرشاد الموجات فوق الصوتية (الأولتراساوند). تُنفذ العملية دون الحاجة إلى تخدير. قرار عدد الأجنة التي تُعاد إلى الرحم يتخذه الطبيب بالتشاور مع الزوجين. توجد إرشادات واضحة بشأن عدد الأجنة التي يمكن إرجاعها، ولا يجوز تجاوزها، وذلك بهدف تجنّب حالات الحمل متعدد الأجنة (مثل التوائم الثلاثية أو الرباعية) التي قد تُسبب مضاعفات كبيرة أثناء الحمل، ولضمان حمل آمن للأم والجنين.
ما هي الأجنة المجمدة؟
في الحالات التي يتم فيها الحصول فائض من الأجنة مقارنة بعدد الأجنة التي يتم إرجاعها إلى الرحم في دورة السحب، هناك إمكانية لتجميد بعض الأجنة التي تُقيّم في المختبر على أنها ذات جودة جيدة. لاستخدام الأجنة المجمدة، يجب التخطيط لدورة علاجية يتم خلالها إذابة الأجنة المجمدة ومن ثم إعادتها إلى الرحم. يمكن أن يتم الإرجاع في دورة طبيعية، أو بعد تحضير بطانة الرحم باستخدام أقراص الإستروجين، تليها أقراص البروجسترون.
معدلات نجاح العلاجات باستخدام الأجنة المجمدة عالية وتُقارن بنتائج إرجاع الأجنة الطازجة، وذلك بفضل التكنولوجيا المتقدمة في مجال تجميد الأجنة.
ما هي المضاعفات المحتملة في علاجات الإخصاب الخارجي ؟
علاجات الإخصاب الخارجي أصبحت شائعة نسبيًا في يومنا هذا، والمضاعفات نادرة، ومع ذلك فهي ليست خالية تمامًا من المخاطر الصحية, مثل :
- متلازمة فرط تحفيز المبايض (تهيّج المبايض, OHSS) وهي استجابة مفرطة للأدوية المحفّزة للإباضة، وقد تؤدي إلى تضخم كبير في المبايض وتجمع سوائل في البطن.
- مخاطر التخدير العام : بالرغم من أن التخدير عادةً ما يكون قصير المدة ويُدار بواسطة طاقم طبي متخصص، إلا أن هناك دائمًا خطر، وإن كان غير شائع.
- النزيف أو الالتهاب في المبيض والحوض: قد تحدث بسبب تكرار وخز المبيض أثناء سحب البويضات.
- الحمل متعدد الأجنة: قد يؤدي إلى ولادة مبكرة ومضاعفات تتعلق بالولادات المبكرة.
يمكن للعلاج الحذر والمتابعة الدقيقة أن يقللا بشكل كبير من هذه المخاطر، ولكن لا يمكن إلغاؤها تمامًا.
خلاصة
علاجات الإخصاب الخارجي متوفرة في البلاد بشكل استثنائي من حيث التكلفة وتوزيع وحدات العلاج في جميع أنحاء البلاد. الخبراء في البلاد يُعتبرون من بين الأفضل والأكثر خبرة في العالم، وبفضل مهارتهم تمكن آلاف الأزواج من تحقيق حلمهم بإنجاب الأطفال.
اليوم، سواء في البلاد أو في بقية أنحاء العالم، يعتبر الإخصاب الخارجي خيارًا شائعًا ومرغوبًا لدى الأزواج – سواء الشباب أو الأكبر سنًا – الذين يواجهون صعوبة في الحمل الطبيعي . بفضل العلم والتكنولوجيا الحديثة في القرن الحادي والعشرين، أصبح بالإمكان التغلب على مشاكل العقم بطريقة آمنة وفعالة، وهي فرصة لم تكن متاحة قبل عقود قليلة فقط.