عملية زرع الرحم
واحدة من كل 5000 امرأة حول العالم تُولد بدون رحم، وإحدى الأسباب الرئيسية لذلك هي متلازمة نادرة تُعرف باسم متلازمة ماير-روكيتانسكي-كوستر-هاوزر (MRKH) .
في هذه الحالة، تتطور لدى المرأة منظومة هورمونية أنثوية طبيعية تشمل المبيضين والأعضاء التناسلية الخارجية، ولكن الرحم وجزء من المهبل لا يتطوران. السبب وراء هذه المتلازمة غير معروف بشكل كامل، لكن يُعتقد أن له علاقة بعيوب كروموزومية طفيفة.
تُظهر النساء المصابات بهذه المتلازمة نموا جنسيًا طبيعيًا، ولكن لا تظهر لديهن الدورة الشهرية، ولا يمكنهن الحمل. يُكتشف غياب الرحم غالبًا في سن البلوغ، عند تأخر الحيض الأول.
رغم أن النساء بدون رحم يُعتبرن اليوم عاقرات، إلا أن التقدم العلمي في مجالي الخصوبة وزراعة الأعضاء خلال العقود الأخيرة قد يُحدث تغييرًا كبيرًا في هذا الواقع. فقد تطورت تقنيات زراعة الأعضاء مثل القلب، الكلى، الكبد، والأعضاء المعقدة كالأطراف والوجه، مما مهّد الطريق أمام زراعة الرحم، والتي لم تعد حلمًا خياليًا.
زراعة الرحم والإخصاب خارج الجسم
أُجريت أول عملية زراعة رحم في عام 2000 في المملكة العربية السعودية، لامرأة تبلغ من العمر 26 عامًا، حصلت على رحم من متبرعة عمرها 46 عامًا. ولكن، لم يدم الرحم أكثر من ثلاثة أشهر بسبب علامات رفض الجهاز المناعي له.
أما أول عملية زراعة رحم ناجحة جزئيًا فقد أُجريت في تركيا عام 2011. تكللت العملية بنجاح أولي، وتم بعد ذلك نقل أجنة إلى الرحم المزروع عبر الإخصاب الخارجي. أحد الأجنة انغرس بالفعل وحدث الحمل لأول مرة بعد زراعة رحم. ومع ذلك، توقف تطور الجنين في الأسبوع الثامن، وتخضع المرأة حاليًا لمحاولات حمل إضافية.
رغم أن النجاح لم يكن كاملًا، إلا أن هذه الخطوات مثلت بداية أمل حقيقي للنساء اللواتي وُلدن بدون رحم أو اللواتي فُقد رحمهن أو تضرر خلال سنوات الخصوبة
حتى يومنا هذا تمّ الابلاغ عن أكثر من 70 عملية حول العالم، وتم تسجيل أكثر من 40 ولادة ناجحة.
تُعد هذه العملية معقدة وتنطوي على مخاطر كبيرة، بما في ذلك الحاجة إلى عدة عمليات جراحية كبرى واستخدام أدوية كابتة للمناعة. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإنها توفر فرصة فريدة للنساء المصابات بالعقم المطلق الناتج عن فشل الرحم لخوض تجربة الحمل والولادة.
التحديات والتوقعات في زراعة الرحم
رغم أن تقنية زراعة الرحم لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن التجارب السريرية مستمرة. حتى الآن، لا توجد توصيات دقيقة بشأن العمر الأمثل لإجراء الزراعة، لكن يبدو أن احتمالات النجاح تكون أعلى في سن الخصوبة.
العملية تتطلب جراحة كبيرة ومعقدة في منطقة الحوض، تشمل الأوعية الدموية الرئيسة، ويتم تنفيذها بواسطة فرق مشتركة من أطباء النساء وجراحي زراعة الأعضاء لتقليل مخاطر تلف الأنسجة. وكما هو الحال في زراعة أي عضو، هناك احتمال أن يرفض الجسم العضو المزروع، ما يتطلب تناول أدوية كابتة للمناعة.
ورغم أن زراعة الرحم لم تصل بعد إلى مستوى الكفاءة والاعتماد مثل زراعة القلب أو الرئتين أو الكبد، من المهم التذكير بأن هذه الزرعات نفسها كانت تُعد يومًا ما مستحيلة. ومع تقدم العلم، قد تصبح زراعة الرحم خيارًا عمليًا وآمنًا في المستقبل.